في مَهَبّ النّزوح

شعر حماد الشايع –
يَغْلي بقِدْرِ الصّبْرِ قوْتَ عِيالِهِ
ويَهُزُّ جِذْعَ النخلِ تَمْرُ سؤالِهِ
ويَؤمّهُ القَلْبُ اليُسابِقُ خطْوه
يُخفي صِواعَ كرامةٍ بِرِحالهِ
تَسْتَوْطِنُ الآلام جُرْفِ بُكائِهِ
ُ
لَمّا يطوفُ العيدُ حَوْلَ خَيالهِ
في وحشةِ الليلِ الطّويلِ حِداؤهُ
وينوﺀُ ظَهْرُ الصّبْحِ من أحْمالِهِ
يأوي لِخَيْطِ الشّمسِ عند مَقيلِهِ
وَجَعاً ينادي حَرّها لِظِلالِهِ
ويَحوكُ من ثلجِ الشّتاﺀِ فِراﺀَهُ
ويَلفُّ خِصْرَ الجُرْحِ طَرفُ سِمالِهِ
يمْشي على ٱسْتِحْياﺀ حينَ تقودُهُ
رِجْلاهُ نحْوَ مُرَفّهٍ بِدَلالِهِ
وكأنّهُ الصّبُّ المُعَلّلُ بالهَوى
إذْ قَيّدَتْهُ مواجِعٌ بحِبالِهِ
تَبْري سنينُ القَهْر خَفْقَ جناحِهِ
لِيَهُشَّ خوْفاً مُتْرَفاً بنِبالِهِ
حينَ ٱسْتَطالَ الهَمّ فَوْقَ نَخيلِهِ
نادى وَكَفّ الرّيحِ رَهْن شِمالِهِ
أرْسى شِراعُ الجوعِ لُقْمَةَ بائِسٍ
تَطْفو على بحْرِ الكَريمِ ومالِهِ
ويَلوكُ من وَجَعٍ عذابَ طفولَةٍ
ما فارَقَتْهُ وأوْرَقَتْ في بالِهِ
يغْفو على جمْرِ الرصيفِ وتارَةً
يصْحو وذات الهَمّ مِلْئ سِلالِهِ
وَجْداً لِما قَدْ كانَ يرْسمُ صورةً
حُلُماً تَشَكّلَ في الرّؤى بجَمالِهِ
فَتَطيرُ من أعْلى الشّفاهِ بَريئَةً
أوراقُ بسْمَةِ عاشقٍ أو والِهِ
نحوَ الغيومِ فراشةٌ تعْلو بهِ
يَشْدو رفيف جناحِها بجلالهِ
سُرعانَ مايَخْبو بريقُ غنائهِ
ويعودُ نَزفُ الجُرحِ في أوْصالهِ
وتلوحُ في أفُقٍ لَواعج أمّهِ
وبُكائها جمْراً على أطْلالِهِ
فيَزيْدُ من وَجَعي ولوْعَةِ أضْلُعي
أن الحروفَ شَحيحةٌ بمقالهِ