أفلام الكارتون… كارثة فكرية حطمت مفاهيم الابناء الاجتماعية!

البلاد اليوم – خاص –
تعاني غالبية الاسر العراقية من عدم وجود برامج خاصة بالأطفال، لا سيما الأفلام الكارتونية التي تعرض عبر التلفاز على مدار الساعة في بعض الفضائيات، تحمل في مضمونها الكثير من القيم والمبادئ والثقافة التي لم يترب جميعهم عليها، فظهرت برامج وأفلام كارتون، لا تمت لواقعهم الاجتماعي بشيء، لتقوم بإدخال مختلف المفاهيم الهجينة في عقولهم من دون درء أخطارها عليهم من قبل أهلهم من خلال عدم منعهم منها، عندما تبث اليهم أشياء جديدة وغريبة لم يعهدوها سابقاً تبعدهم عن هويتهم الاصيلة وأخلاقهم وقيمهم الاجتماعية.
وعن هذا الموضوع، تحدثنا مع بعض المواطنين والأكاديميين حول هذه الظاهرة.
برامج أجنبية
قال جمال عبد الرضا محمود (موظف)، بعد عام 2003، دخلت أجهزة الارسال الفضائية الى العراق بعد طول حرمان من هذه التكنولوجيا المتطورة التي غزت العالم الا العراق، وحينها بدأت أفلام الكارتون والبرامج الاجنبية، تدخل الى جميع المنازل العراقية.
وذكر، أن الانفتاح الإعلامي وسيطرة الفضائيات على كل شيء مع ضعف الانتاج المحلي لهذه الافلام الخاصة بالاطفال، ساهم في ظهور قنوات للأطفال مليئة بالبرامج وأفلام الكارتون طيلة الليل والنهار من دون توقف، بشخصيات كارتونية أصبحت فيما بعد محببة لهم ولكنها تردد ألفاظا غير مناسبة لاعمارهم، والمصيبة أنهم أخذوا يرددونها فيما بينهم.
وتخوف من بعض البرامج التي تدعوهم الى إتباع أسلوب العنف والعدوانية على الاخرين، بعد أن يقوموا بأفعال خارقة لا يمكن لاحد أن يقوم بها غيرهم، أو جعلهم يعتقدون بان السحر مسألة عادية وموجودة ويجب التعامل معها ولا خوف منها، فضلاً عن عدة برامج، لا تتوافق مع البعد الثقافي العراقي لابنائنا.
العنف والمشاكل
أما ندى وليد علي (موظفة)، فقالت، لقد وجدت من خلال جلوسي مع أبنائي عندما يشاهدون أفلام كارتون، أنها تحتوي على الكثير من مشاهد العنف المخيفة والألفاظ غير المعتادة التي لها تأثير سلبي عليهم، فوجودها تزيد من نسبة العنف والمشاكل فيما بينهم وحصول بعض الحوادث لهم في المدارس بين الحين والآخر.
ولاحظت ندى، أن كل ما يعرض من أفلام كارتون للاطفال على الفضائيات، خالية من أي قيم ومعتقدات تربوية صحيحة، تساعدها على بنائهم بناء نفسي واجتماعي جيد، ولكنها تحتوي على الكثير من مشاهد وأفعال تفوق أعمالهم، وربما بعضها لا يفهمون منها أي شيء ويقومون بطرح الاسئلة عما يدور فيها.
وختمت حديثها، أن هذه الامور ما زالت تؤثر سلباً عليهم، كونهم في أعمار صغيرة وبعيدين عن رقابة الاهل وكثير منهم مستعد لاستقبال كل ما يعرض أمامهم، سواء كان سلبياً أو إيجابياً.
شجار بالأسلحة
تأسف مازن سميح عدنان (صاحب محل لبيع الاجهزة النقالة) على مشاهدة أبنائه لأفلام الكارتون التي يظهر فيها شجار بأسلحة لم يشاهدوها سابقاً كونها وهمية ولا وجود لها، فيولد لهم شعوراً بالرغبة في الحصول عليها، مع إنها تنمي فيهم سلوكياً عدوانياً مخيفاً.
وشعر بالخوف عليهم وانحدار أفكارهم بعد عدة سنوات من عمرهم وهم يشاهدون هذه الافلام الاجنبية والتي يتم ترجمة بعضها أو دبلجتها الى العربية، كي تصل اليهم بكل سهولة.
وتمنى، أن تغلق هذه القنوات التي تبث السموم والفوضوية في عقول الاطفال منذ صغرهم وزرع أفكار خاطئة في أذهانهم من أجل عدم تهديم مستقل المجتمعات المتمثل بهؤلاء الاطفال، جيل الامل وبناة الاوطان.
عبارات الغزل
حذرت أمل عبد الواحد علوان (ربة بيت) جميع الاهالي من عدم متابعة أبنائهم الصغار وهم يشاهدون هذه الافلام، كون بعضها تعرض أشياء لم يعتد عليها الطفل من قبل، وهي عبارات الحب والغزل لمحبوبته أو غيرها من تلك الأمور التي لا يجب أن يشاهدها طفل في عمره الصغير، لأنها سوف تسهم في رغبته على تجربتها، وهذا ما تخاف منه الاهالي كثيراً.
وشددت أمل، أن هذه البرامج خالية تماماً من أي هدف أو أمور تربوية وتعليمية لهم، بل تعتمد على بث قضايا غريبة في أذهانهم وتفتح الباب للامور السلبية من الدخول من دون أن يكون هناك رقيب عليهم يحميهم منها.
وختمت حديثها، أن وجود الارضية المناسبة والسماح لها، تؤدي الى إستهدافهم وتدميرهم من دون أن يشعروا بذلك، لان عدم وجود برامج وقنوات للأطفال محلية أو عربية تواجه هذا الغزو الهجين، تجعلهم ينبهرون بهذه القنوات الأجنبية.
دور الاعلام
أكدت الاعلامية لمياء عبد الستار عامر، على ان الاعلام يجب أن يأخذ دوره الفعال في التأثير على هذه القضايا التي تطرحها تلك القنوات الموجهة للاطفال تحديداً وانزوائها بعيداً عنها بشكل واضح، وكأن الموضوع لا يهمهم مطلقاً.
وذكرت، أن ترك الامر على الغارب من دون التدخل منهم وتوضيح مضارها عليهم وخطورتها على أعمارهم، سوف يجعل الساحة مفتوحة، لكل من هب ودب لفتح قناة موجهة لهم من دون خوف من أحد.
وتحسرت، على أن هذه القنوات عندما تقدم أي مادة سواء تلاءمت مع طبيعة الطفل وعمره أم لا، فأنها لا تعطي لهذا الموضوع أي أهمية أو نشوئه بلا هوية مستقلة أو ثقافة أو شخصية، لأنها تريد أن يعيش في أحلام وأوهام الابطال الخارقين، كي تبعده عن نظام التربية السليم، وغايتها أن يصاب بعضهم بالادمان عليها ويعيشوا في حالة ضعف وخوف من الاختلاط بالآخرين.
مشاعر الاطفال
الباحث الاجتماعي محمد إبراهيم جاسم، قال، هذه الافلام الكارتونية تريد أن تناغي مشاعر الطفل، كي يتابعوها بغية تحقيق أعلى نسب مشاهدة لبرامجها، وهي تتجاهل بشكل متعمد ومقصود لقيم المجتمعات، لتسهم في زيادة نسبة الفساد فيهم، وهو ما تعكسها في تصرفاتهم اليومية في المنزل أو مع أصدقائهم في المدرسة.
وأوضح، أن برامج الأطفال التي تحاكي حياة الدول الغربية وما يعيشوه من تقاليد، سوف تبث فيهم أفكارا هدامة في أذهانهم وعلى الجميع الانتباه اليها والتحذر من هذه الكارثة.
وطالب محمد، بضرورة إيجاد البديل لهذا التخريب النفسي لهم عن طريق إنتاج برامج وأفلام كارتون عربية تهتم بهم وبحياتهم وثقافتهم وطريقة عيشهم في المجتمع.
نهاية الكلام
في ظل غياب للدور الاجتماعي والرقابي من قبل الاسر لأبنائهم، فان نسبة الأطفال الذين يشاهدون قنوات الأفلام الكارتونية والبرامج في تزايد مستمر، وهناك ارتفاع كبير في تأثيرها على أفكارهم وأسلوب حياتهم بصورة غير طبيعية، ويمكن أن تصل الى حد لا يمكن السيطرة عليها بعد أن تزيد من العوامل السلبية التي قد تتغلغل في أفكارهم ونفسياتهم البريئة التي تستوعب كل شيء يعرض أمامهم، فوجب على جميع الجهات الحكومية وغيرها والاهالي، أن يأخذوا دورهم التربوي في متابعتها والقضاء على هذه الظاهرة التي أخذت مديات أوسع من غايات تلك القنوات عندما تعرض برامجها الموجهة للأطفال بشكل يومي، كي تحاكي عقولهم الصغيرة، فتسهم في إدخال كل ما تريده فيها، من أجل تخريبها وخلق جيل، لا يفهم تقاليده الاصيلة التي تربى عليها منذ صغره ويريد الجميع الحفاظ عليها من هذا الغزو الاجنبي الذي لا هم له سوى تأخير المجتمعات الاخرى.