البنك المركزي العراقي يساهم في دعم الاقتصاد الوطني في الازمات

بقلم المستشار الاقتصادي والمصرفي لرابطة المصارف الخاصة العراقية سمير النصيري
المبحث الاول :دورالبنك المركزي العراقي في تحقيق الاهداف التنموية :
ان البنوك المركزية في الدول هي مؤسسات مالية سيادية رصينة ومستقلة في تنفيذ مهامها وسياساتها النقدية وهي تشرف وتراقب القطاع المصرفي وتعتبر المستشار المالي للحكومة والبنك المركزي العراقي كان دوره اساسيا في ادارة العملية الاقتصادية في العراق بعد التغيير في عام 2003 من خلال ادارته للسياسة النقدية وتحقيق اهدافها حيث مرّ العراق خلال السنوات (٢٠٠٣-٢٠١٦) بمرحلة مهمة من مراحل نظامه الاقتصادي حيث شمل التغيير بداية تطبيقات جديدة للبناء الاقتصادي تعتمد بناء مقدمات الانتقال من فلسفة واستراتيجيات النظام الاقتصادي المركزي في إدارة الاقتصاد إلى فلسفة واستراتيجيات وآليات اقتصاد السوق. وأهم ما ميَّز هذه المرحلة هي التجريبية وممارسة سياسات واجتهادات اقتصادية تعتمد بالأساس على تجارب دول سبقتنا في تطبيق آليات اقتصاد السوق دون الاعتماد على المرتكزات الاقتصادية الأساسية لهذا الانتقال، كما أكدت جميع الدراسات والتقارير الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. إن ارتباك الرؤية و عدم التنسيق بين السياستين المالية والنقدية واختلاف السياسات الاقتصادية وعدم وضوح المنهج الاقتصادي للبناء الجديد للاقتصاد ساهم مساهمة واضحة في تشتت التطبيقات في السياسة النقدية واختلاف الرؤى والاستراتيجيات للوصول إلى الأهداف المركزية المحددة، إضافة إلى قصور في بعض مواد البيئة التشريعية للقوانين الاقتصادية التي تنظم العملية الاقتصادية ، ما أدّى إلى إضطراب في التطبيق .الا ان البنك المركزي العراقي والقطاع المصرفي خطى خطوات تطور كبيرة باتجاه الانتقال من النشاط الصيرفي الى النشاط التنموي فمنذ صدور القوانين التي تنظم العمل المصرفي في عام 2004 وصدور قانون البنك المركزي 56 لسنة 2004تحققت إنجازات كبيرة في مجال الحد من التضخم الجامح الذي كان يعاني منه العراق والوصول به إلى معدلات جيدة لعام 2016بلغت اقل من ٢% كما تشير البيانات والمؤشرات المالية إلى أن البنك المركزي العراقي استطاع المحافظة لعدة سنوات وحتى الوقت الحاضر على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي بشكل متوازن بالرغم من التذبذب والتباين صعوداً ونزولاً تبعاً للظروف الاقتصادية الصعبة والازمة المالية والاقتصادية بسبب الانخفاض في اسعار النفط والحرب على الارهاب والمضاربات التي تحدث في الأسواق. حيث يلاحظ أن التدخل اليومي للبنك المركزي العراقي في إدارة عملية البيع للعملة الأجنبية في ضوء معطيات السياسة النقدية والذي تم اعتماده منذ(4/10/2003) بالرغم من الانتقادات والملاحظات الكثيرة لكنها ساهمت مساهمة كبيرة في المحافظة على الاستقرار النقدي ومواجهة أية كميات يحتاجها السوق لغرض تمويل التجارة للقطاع الخاص وتلبية احتياجات وزارة المالية من العملة المحلية. ولمواجهة هذه الانتقادات اصدر البنك تعليمات وضوابط تنسجم مع المعايير الدولية ومتطلبات انظمة وقواعد الامتثال وحاول السيطرة على الخروقات التي تحدث بالمراجعة والتقييم وتصنيف المصارف لاغراض نافذة بيع العملة دوريا والمتابعة اليومية من مكاتب غسل الاموال في البنك وفي المصارف وبالرقابة الاستباقية الالكترونية كما اصدر اخيرا دليل غسل الاموال تاكيدا لضبط تطبيق قانون غسل الاموال ومكافحة الارهاب الجديد اضافة الى تفكيره المتواصل لاعتماد اسلوب الاعتمادات المستندية واحلالها تدريجيا بدلا من الاسلوب الحالي بهدف السيطرة على حركة العملة الأجنبية والحد من التصرف بها بخلاف الاهداف الاقتصادية المحددة لتطبيقات السياسة النقدية. حيث إن التعامل ببيع العملة الأجنبية يعتبر من أكبر عمليات السوق المفتوحة في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية ووضع الفائض النقدي في مساراته السليمة في الموازنة العامة والانفاق الاستهلاكي. إذ حافظ البنك المركزي العراقي في عام 2016 و2017على استقرار سعر صرف الدينار العراقي تجاه الدولار الأميركي في السوق الموازية بحدود( 1250) دينار لكل دولار، مع العلم ان البنك المركزي قد حافظ على السعر الرسمي للتعاملات اليومية بمعدلات ثابتة وهو مؤشر اقتصادي جيد أن يتم استقرار سعر الصرف بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العراق خلال عام( 2014 -2017 ) ومازالت مستمرة بسبب الهبوط المفاجئ لأسعار النفط العالمية بنسبة اكثر من(65%) بالمقارنة بأسعاره في 2014 وعدم الاستقرار الأمني والحرب على الإرهاب والمضاربات في سوق العملة، لكنه حافظ على معدلات متوازنة صعوداً ونزولاً ، ونتوقع أن يعود سعر الصرف إلى معدلاته الطبيعية خصوصاً بعد التحسن النسبي في أسعار النفط العالمية وزيادة كميات النفط لأغراض التسويق وتطبيق الآلية الجديدة المعتمدة من البنك المركزي العراقي في الربع الرابع من عام 2017. كذلك استطاع البنك المركزي العراقي الاحتفاظ باحتياطي نقدي أجنبي بحدود (45) مليار دولار بسبب هبوط أسعار النفط العالمية وظروف الركود الاقتصادي، ومع ذلك فقد شكل غطاء أميناً للدينار العراقي ولتغطية التجارة بحدود فترة اكثر من ستة اشهر وهو معدل قياسي معتمد عالميا وهذا يؤشر حقيقة واضحة أن البنك المركزي العراقي قد استطاع بجهود واضحة خلال السنتين الماضية أن يعزز رصيده من النقد الأجنبي في خزائن البنك وفي البنوك الأجنبية واحتياطه من الذهب في بغداد والخارج بشكل جيد يتناسب مع أسعار النفط والمستجدات على الساحة المحلية والإقليمية .
المبحث الثاني: دور البنك المركزي في دعم الاقتصاد الوطني
ان البنك المركزي هو محددة وظائفه بقانونه 56لسنة 2004 والمختصين يعرفون جيدا الجهود الكبيرة التي بذلها منذ بداية 2015 ولغاية الوقت الحاضر في الحد من التضخم والسيطرة على سعر متوازين لسعر صرف الدينار العراقي والمحافظة على احتياطي نقدي اجنبي جيد .والمهم في ذلك دعمه لخزينة الدولة بحدود (21)تريليون دينار بالرغم من الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعرض لها العراق بسبب هبوط اسعار النفط وتكاليف الحرب على الارهاب ، فان البنك المركزي تمكن وباجراءات اقتصادية ومالية محسوبة وجريئة من تقديم الدعم المتواصل منذ سنتين للاقتصاد العراقي وساهم مساهمة كبيرة في تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين وتسديد مستحقات المقاولين والفلاحين اضافة الى مبادرته بتنشيط الدورة الاقتصادية وتخصيصه ستة تريليون دينار لتمويل وتشغيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاعات الاسكان والزراعة والصناعة لتنشيط الدورة الاقتصادية ودعم المصارف وتحقيق هدفين اقتصادي واجتماعي في ان واحد كذلك اتخاذ اجراءات اخرى مهمة باعادة احتساب الاحتياطي القانوني للمصارف بهدف توفير السيولة للمصارف وتأسيس شركة ضمان الودائع لغرض اعادة الثقة بالقطاع المصرفي وزيادة نسبة الادخار للكتله النقدية في المصارف على حساب نسبة الاكتناز . ومن هنا كانت دعوة البنك المركزي للسادة اعضاء مجلس النواب لزيارته والاطلاع على حقيقة الجهود المبذولة في خدمة الاقتصاد .