المكوث في مربع شبه القانون … التنظيمات المهنية ومبدأ التعددية

بقلم د. حسن كامل –
يشمل جوهر الديمقراطية في تعدد الإرادات وفي إدارة الاختلاف بالطرق السلمية ولعل أول مؤشرات التحول الديمقراطي يتجلى في رفض هيمنة الإرادة الواحدة ومحاولة تغييب أصوات معارضة او تذويبها في لجة الصراخ العالي الذي يمارسه الأوفياء للأنظمة الشمولية ، وقد يجادل البعض عبثا في ان الديمقراطية ذات بعد سياسي مجرد وإنها واحدة من أساليب تحقيق الفعاليات السياسية لأهدافها في الوصول الى الحكم وهذا الرأي يعاني من قصور فاضح في فهم الديمقراطية او مسعى خبيث ومشبوه لتفريغها من مضامينها الاجتماعية والاقتصادية لغاية في نفس يعقوب ,بل ان بل ان البعض يحاول إعادة عجلة الزمن القهقري من خلال محاولة وضع اليد على منظمة مهنية هنا وتشكيل نقابي هناك وتقديم منجزهم هذا كواقع ثابت لايمكن زحزحته قيد أنمله بهدف ضمان بقاء الحقبة المتدهورة التي عاشها العراق ، والتي باتت ألان من بقايا مزبلة التاريخ بعد ان لفظها الشعب عبر ممارسات ديمقراطية متنوعة أنجز بعضها تحت وابل النيران ورمايات الهاون ، ان لعبة البحث عن مواطئ الأقدام باتت لعبة مكشوفة وهي اقرب ما يكون الى وهم إجراء تجربة ما لمرتين على امل الخروج بنتائج مختلفة ومثل هذا الوهم لايقتنع به لا من في عقولهم مرض لان الإرادات المتهافتة لايمكن ان تهزم إرادة التغيير ولو قبلنا صفحات وبنود الدستور الذي يعد القانون الاسمي والحاكم على ما سواه من القوانين ، لوجدناه زاخرا بالفقرات والمواد الصريحة التي تنظم مسار العمل المهني في عراق التحول الديمقراطي ، اذ نصت المادة (38) من دستورنا العتيد على مبدأ حرية الصحافة والإعلام والنشر ، بعيدا عن هيمنة الوسطاء وحازقي البخور من الحالمين باختطاف منجزات الناس ومصادرة طموحاتهم ، ولاتدع المادة (38) من الدستور مجالا للشك في نبذ محاولات الوصاية التي يحاول البعض فرضها على الصحفيين وان خالفت هذه الوصاية شرط الدستور لاشيء سوى محاولة هذا النفر تحقيق مصالح ومكاسب مادية على حساب الدستور والقوانين ومن وجود غطاء قانوني لسلوكياتها ، وقد ادى هذا السلوك المدان الى خروج المنظمات والنقابات المهنية عن مسارها السليم وتحويلها الى أداة متحرفه لتلبية رغبات القائمين عن تلك التشكيلات المهنية وحرفها الهداف مصالح أعضاء التنظيم من عسف وتعنت الإدارات الصحفية او أجهزة الدولة المختلفة ، وانسجاما مع هذا السلوك الملتوي يحاول البعض من نافذي النقابات تقديم نفسه او التشكيل الذي يمثله كممثل شرعي ووحيد لشريحة الصحفيين على سبيل المثال ؟ ، مع التأكد من قبله على لا شرعية الآخرين او وضعهم في خندق الخيانة والمطالبة بتعليق المشانق لهم في الميادين العامة ، ويعود هذا الفهم الخاطئ الى جهل هذا ( الزعيم ) المطبق بالقوانين وبحركة التاريخ لا بل محاولته ووضع قوانين جديدة لا تتلائم مع المنهج الديمقراطي ولا مع القوانين الدولية النافذة في هذا المجال ومنها على سبيل المثال الفقرة الرابعة من المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة 1948 والمصادق عليه من الحكومة العراقية اذ تقول الفقرة رابعا بحق كل شخص وبالاتفاق مع اخرين على تأسيس نقابة للدفاع عن مصالحه وقد حدد عدد الأشخاص من ذات المهنة الواحدة بخمسة أشخاص وبسبب مصادقة العراق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد صارت مواده حكما جزء من القوانين النافذة والملزمة للجميع في العراق ، وتأسيسا على ما تقدم فانه ليس هناك ثمة ممثل شرعي ووحيد لهذه المهنة او تلك وانما هناك حق قانوني لمن يشاء في تأسيس النقابات والاتحادات المهنية والانضمام اليها ، ان حق تأسيس النقابات او الانضمام اليها حق طوعي لا الزام فيه ، وان شرطه الأول التمتع بصفة المواطنة الصفة الأسمى والأعلى والآصرة الجامعة لوحدات المجتمع في تشكيل واحد أيدي العلاقة متكافئ الحقوق يتنظم للعمل والجهاد ان تطلب الأم من اجل الدفاع عن الثوابت السامية والقيم ، وان ما دون ذلك من حديث لا يخرج عن إطار إلقاء كلام عن عواهنة ومحاولة التشبث حتى اللحظة الأخيرة بأحلام تم دفنها مع حفية ولت وما أشبه الحاملين هؤلاء بعقول العصافير .