وقد تعدت مبالغها المليون … دوامة الايجارات … ما زالت تعصف باصحاب الشقق والمحال التجارية

البلاد اليوم – خاص –
أخذت من مدة ليست بالقصيرة مبالغ الايجارات التي يدفعها المواطنين الى أصحاب العقارات ، تزيد من معاناتهم وتؤثر بصورة كبيرة على معيشتهم وأحوالهم اليومية في ظل ظروف صعبة ومعقدة للغاية ، لا ترحمهم حياتهم ولا يجدون من يرحمهم من البشر ، عندما يكشر بعض أصحاب العقارات من محال ومنازل وشقق أنيابهم على أبناء جلدهم ، بطلب مبالغ كبيرة من أجل دفعها اليهم ، كي لا يقومون بطردهم الى العراء من دون وازع أخلاقي وأجتماعي .
فالماذا لا تتدخل الجهات الحكومية بهذا التلاعب الذي يقوم بها أصحاب العقار من دون قانون يردع جشعه ؟ وكيف السبيل بهذه العوائل التي يتم طردها من منازلهم الذي كان يأويهم من حر الصيف وبرد الشتاء ؟ ومتى سينتصر القانون ويقف بجانب المواطن المظلوم ضد هؤلاء الذي يتحكمون بالناس ؟ .
(( وكالة انباء البلاد اليوم الدولية )) تحدثت مع بعض المواطنين وأصحاب العقار بشأن الموضوع .
أرقام خيالية
فقال أحمد كاظم محمود (موظف ) ، إن مبالغ الايجارات قد تضاعفت بشكل مخيف ، وفي عدة طفرات غير منسجمة مع الظروف الاقتصادية التي تعيشها غالبية العوائل العراقية ، حتى أصبحت مبالغ الشقق والمنازل والمحال التجارية والورش الاهلية لا تطاق ، وكل ما يحصلون عليه تلك المحال والورش ، يذهب الى أصحاب العقار ، فصارت حياة الجميع معقدة ، ومعاناة لا تنتهي كل شهر ، نتيجة مشاكل الايجار والمشادات الكلامية التي تحصل مع صاحب العقار ، الذي لا يكف عن مطالباته المستمرة أو إصراره على زيادة مبالغ الايجار أو ترحيل ساكنين العقار، ومثل هذه الحالات التي تمر عليهم ، لاتعد ولاتحصى ، لان الحياة اليومية العامة تشهد تداعيات كثيرة من هذا النوع المؤلم ، ولا يعرفون كيف السبيل لحلها ؟ ، إذ أن الايجارات أصبحت صعبة وأرقامها مذهلة ، بعد أن وصلت بعض المنازل مبالغ إيجارها الى ملايين الدنانير ، فمن أين يؤمن الفقير هذا المبلغ شهرياً وهو يعاني مرارة العازة والحاجة ؟ .
مشاكل عائلية
تضيف وفاء صالح إسماعيل ( ربة بيت ) بقولها ، بعد زواجي ، كثرت المشاكل مع أهل زوجي ، ولا يكاد يمر يوم واحد علينا ، والا نشبت مشكلة مع أمه ، وأصبح العيش في بيتهم جحيم لايطاق ومسألة الوصول الى نقطة تفاهم لايمكن نيلها ، فاتفقت مع زوجي أن نخرج من منزلهم ، والبحث عن مسكن آخر لايجاره ، وبعد بحثه المضني عن هذا المكان ، لم يجد أقل من (650) الف دينار شهرياً ، ومثل هذا المبلغ لايمكن أن نسدده ، لان راتب زوجي الشهري واذا قام بدفعه ، يعني موتنا من الجوع ، فالرواتب والاجور لا يمكن لها أن تتخطى هذا الرقم ، فكيف سنستطيع أن نتوافق ما بين معيشتنا ودفع هذا المبلغ للايجار ؟ ، فاستمرت المشاكل مع أهلي زوجي من دون الحصول على نتيجة تذكر .
مبالغ متفق عليها
يشير حامد جميل علي ( سائق أجرة ) الى أن صاحب العقار طلب منه زيادة على المبلغ المتفق عليه للشقة التي يسكن فيها ، ولكنه رفض تلك الزيادة ، فطالبه باخلائها ، وبعد أن إجتهد في البحث عن أخرى ، أسعفه الحظ في ذلك الامر ، فوجد شقة في بناية بائسة جداً ، لا يتجاوز إيجارها الشهري عن (300) الف دينار ، فشعر ببعض الفرحة والسرور ، وهو يمني النفس بالانتقال اليها ، ولكن سرعان ما تبخرت أحلامه ، بعد أن طالبه صاحب الشقة ، بدفع مبلغ ( سر قفلية ) وقدره (15) مليون دينار عداً ونقداً ( كما يقولون ) ، فشرح له الامر وصعوبة الحصول على مثل هذا المبلغ ، وعاد الى منزله والخيبة تعلو جبهته منكسراً ، لعله في يوم ثان يجد ضالته المنشودة للانتقال الى سكن اخر .
المطالبة بالزبادة
إتهم حسان عبيد جاسم ( صاحب محل لبيع المواد الغذائية ) ، صاحب العقار الذي إستأجر محل منه ، بالجشع والاستغلال غير المبرر ، عندما إتفق معه على مبلغ (100) الف دينار ، وبعد مرور سنوات قليلة ، وصل إيجاره الى (600) الف دينار ، وما زال يذكّرهم بصعوبة المعيشه وغلاء الاسعار ، من أجل طلب المزيد من الزيادة ، وكأنهم يحصلون على أرباح بالجملة تفوق حاجتهم وحاجة عوائلهم ، مع أنهم يعانون الامرين في عملهم ، الكساد وقلة البيع نتيجة ظروف البلد ، وتفشي البطالة التي منعت غالبية المواطنين من التبضع بصورة يومية ، ومع هذا فان أصحاب العقارات ما زالوا ، لا يكفون عن المطالبة بالزيادة .
حالة عامة
دافع عن نفسه حسن عبد الرحيم ناصر ( يمتلك عمارة ) بقوله ، نحن نحتاج كبقية العراقيين الى الاموال لممارسة حياتنا الطبيعية ، فلنا عوائل وأطفال وإحتياجات كثيرة ، ولاننا لانمتلك شيئاً سوى تلك الايجارات التي نعيش عليها ، والوضع العام للايجارات في العراق عموماً هكذا ، ولست وحدي من يرفع مبالغ الايجارات ، فماذا نفعل ؟ هل يمكن لنا أن نتغاضى عن حقوقنا في العيش أو إستلام إيجارات ضئيلة ، وفق لهيب الاسعار التي تحيطنا من كل جانب ، فكل شيء مرتبط بالشيء الاخر .
قوانين صارمة
تؤكد فرح سعد غريب ( موظفة ) على إن هذا الموضوع بحاجة الى قوانين صارمة بشأن الايجارات ومراعاة أوضاع المواطنين وأصحاب الاملاك ومحاولة تخفيض الايجارات التي صارت عبئاً ثقيلاً على كل مواطن ، وهذا من واجبات الجهات المختصة ، حتى لا يظلم أحد من الناس ، لان جميع الاراء وطروحات التي نسمع عنها بين الحين والاخر كلها تصب في قالب واحد هو صعوبة الايجارات وإرتفاع أرقامها والمبالغة من أصحاب العقارات في تجديد الايجارات من خلال زيادتها بشكل غير طبيعي ، فوصلت الى الملايين ، واذا ما أستمر هذا الحال في ظل تغاضي الجهات المسؤولة ، قد تتعدى تلك الارقام ، فهل هناك إستراتيجية الخروج من هذه الازمة التي يعاني منها ملايين المواطنين ؟ أظن بان الحلول موجودة ولكن التنفيذ ضعيف ومهمل .
خلاصة القول !
منذ سنين طويلة مضت وظاهرة إرتفاع الإيجارات من الأمور السلبية التي إنتشرت بصورة غير طبيعية ، وباتت تهدد أرزاق الكثيرين من الذين يعتمدون في توفير لقمة العيش لعوائلهم على محلاتهم التجارية البسيطة التي يتقاسمون رزقها مع أصحاب الإيجارات الجشعين الذين إستمرت لعبتهم بين الحين والاخر في رفع الإيجارات ، نتيجة غياب الرقابة والقوانين التي تنظم العلاقة بين صاحب الملك والمستأجر ، فلو كان هناك الية في التعامل مع هذا الموضوع ، لما وصلت الى حدوث مشاجرات بينهم وشكاوى في مراكز الشرطة .