قرار حجب البطاقة التموينية ….. عدالة مفقودة

بقلم – أ. د. محمد حلو الخرسان –
لقد صدر قرار مجلس الوزراء حجب مفردات التموينية عن فئات محددة ابتداءً من الأول من حزيران المقبل:
وسيتم مناقشة هذا الموضوع من خلال محورين هما مدى تحقق العدالة من جانب وجدوى استمرار وزارة التجارة من جانب اخر:
المحور الاول: مدى تحقق العدالة
جاء القرار بشكل ينطوي على عدم تحقق العدالة في جوانب متعددة وكالاتي:
اولا عدم تحقق العدالة بين الذين حجبت عنهم سابقا والذين ستحجب عنهم مستقبلا:
1- ان القرار الجديد يحجب البطاقة التموينية عن غير المتزوجين الذين يبلغ راتبهم مليون ونصف، ولكن قرار سابق تم بموجبه حجب مفردات البطاقة التموينية عن المتزوجين الذين يتجاوز راتبهم مليون ونصف دينار منذ اكثر من (12) سنة وتم تطبيقه على الملتزمين فقط، والان يصدر قرار جديد بحجب البطاقة التموينية عن الذين يتجاوز راتبهم مليون ونصف وكأنما هذا الامر جديد ويتجاهل الذين تم تطبيق القرار عليهم، وهذا يعني معاقبة الملتزم.
2- ان حجب البطاقة تم تطبيقه قبل سنوات وشمل في مقدمة الذين حجبت عنهم أساتذة الجامعات وبعد هذه السنوات يأتي هذا القرار ليطلب الحجب عن المقيمين في الخارج ، فأين العدالة في حجبها عن عراقيين منذ سنوات والتفكير بحجبها الان عن أصحاب الجنسيات الأجنبية والمقيمين الخارج .
3- ان موعد تطبيق القرار في الاول من حزيران لمن يبلغ راتبهم مليون ونصف وللمقيمين خارج البلاد والذين يحملون جنسية البلد المضيف (اي يتمتعون بها للاشهر المتبقية ) ولكنها محجوبة منذ سنوات للملتزمين الذين تبلغ رواتبهم مليون ونصف منذ سنوات ، فاين العدالة في ذلك؟.
ثانيا: عدم تحقق العدالة بين الفئات الذين ستحجب عنهم بموجب القرار الاخير:
1- جاء القرار بشكل جمعي على المقاولين المصنفين حتى الدرجة السادسة وكذلك أصحاب الشركات المسجلين في دائرة تسجيل الشركات (سواء كانوا مديرين أم مساهمين)، والمسجلون في اتحادات الغرف التجارية حتى الدرجة الثانية، والصناعات حتى الفئة الثالثة، واتحاد رجال الأعمال، فضلا عن نقابة الأطباء، وأطباء الأسنان، ونقابة الصيادلة: وهذا قرار غير عادل لانه لا يعتمد اسس منطقية وانما يفترض ان الوضع المعيشي والدخل المرتفع لشخص بمجرد تصنيفه كمقاول او تسجيله في الشركة او في غرفة التجارة او اتحاد رجال الاعمال (فقط دون بقية الاتحادات والنقابات) والجميع يعرف ان الوضع الاقتصادي في البلاد خلال السنوات الاخيرة اصاب قطاع الاعمال بالشلل وتعرض المقاولون واصحاب الشركات والمسجلين في غرف التجارة الى الافلاس وعدم ممارسة الاعمال بينما هناك اخرون من نفس الفئات في وضع معيشي جيد.
ومن جانب اخر هل من المعقول المساواة بين عضو نقابة اطباء الاسنان والصيدلة الممارسين للمهنة منذ سنوات ويمتلكون صيدليات ومذاخر وعيادات، وبين الذين تخرجوا هذه السنة او السنة الماضية ولم يصدر لهم اوامر تعيين ويغمرهم الفرح بالانتساب الى نقابة الصيادلة واطباء الاسنان ويتم معاقبتهم بمكافأة التخرج والنجاح بان تحجب عنهم البطاقة التموينية.
2- حجب مفردات البطاقة التموينية عن الأفراد الذين لديهم تحاسب ضريبي أكثر من (18) مليون دينار سنوياً: وان هذا المعيار غير سليم لانه لايؤشر بالضرورة ارتفاع الوضع المعيشي لاسباب متعددة من بينها ان هناك فئات متعددة تترتب عليهم مبالغ ضريبية عالية كونهم يعملون في استيراد السيارات للاخرين وكذلك استيراد بضائع ولكن ليس بالضرورة تتحقق لهم ارباح تكفي لهم وعوائلهم تجعلهم يستغنون عن البطاقة التموينية، ونفس الكلام ينطبق على المقاولين والمتعهدين والمزارعين الذين تصرف لهم مستحقاتهم دفعة واحدة ويتحقق عليها مبلغ ضريبة (18) مليون دينار لمرة واحدة بسبب تاخر اطلاق تلك المستحقات من قبل الدولة، وهناك من تتحقق عليه ضريبة تصل الى المبلغ المحدد (18) مليون دينار نتيجة نقل ملكية عقار تصل قيمته المقدرة (400) مليون دينار وتحسب الضريبة عليه كلاتي:
اول 50 مليون معفاة من الضريبة
ثاني 50 مليون تضرب بنسبة 3% = 1500000 دينار
ثالث 50 مليون تضرب بنسبة 4% = 2000000 دينار
رابع 50 مليون تضرب بنسبة 5% = 2500000 دينار
مازاد عن ذلك يضرب بنسبة 6% = 200 مليون دينار * 6% = 12000000 دينار
وبذلك يكون المجموع 18000000 دينار
وان ذلك لا يعني مؤشر لحالة ارتفاع الدخل ويعطي مبرر لحجب البطاقة التموينية ، اذ قد يكون سبب البيع لغرض بناء دار اخرى اقل مساحة او وجود مريض يحتاج علاج او مشكلة معينة.
وهل تحجب فقط في الشهر او السنة التي تحقق فيها مبلغ تحاسب ضريبي 18 مليون دينار او يستمر لسنوات لاحقة.
3- المسافرون خارج العراق ولمدة تزيد عن (3) أشهر (يتم حجبها مؤقتاً لحين إثبات عودتهم)، نجد ان هناك صعوبة في تطبيق هذه الفقرة ، اذ كيف يتم التحقق من ذلك عن طريق المطارات او اخبار الشخص نفسه وكيف تكون البطاقة التموينية متغيرة كل ثلاثة اشهر.
المحور الثاني: الجدوى من وجود وزارة التجارة
بافتراض تم تطبيق القرار الحالي وكذلك الذين تم تطبيق القرار السابق بحقهم فأن اعداد العوائل المتبقية المشمولة بالبطاقة التموينية قليل جدا ولا يتطلب الامر وجود وزارة تجارة بهذا العدد من الوكلاء والمدراء العامون ومدراء الفروع والجهات الرقابية ومدراء التدقيق والسيارات والنفقات الهائلة واعداد الموظفين الكبيرة فضلا عن الاسطول البري الكبير الموجود لدى وزارة التجارة والذي يقتصر استخدامه فقط في زيارة الاربعين لنقل الزائرين بين مناطق القطع، وعليه يمكن الاستغناء عن وزارة التجارة بمديرية صغيرة تلحق باحدى الوزارات الخدمية.